قال رحمه الله تعالى: الكفالة (١) في اللغة عبارة (٢) عن الضم، ومنه الكفل للخشبة التي يُعَمّد بها الحائط، وقال الله تعالى: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ [آل عمران: ٣٧]، يعني ضمّها إلى نفسه.
وإنما سميت الكفالة كفالة؛ لأنّه ضَمُّ إحدى الذمتين إلى الأخرى في التوثق، وهو عقد جائز، والدليل عليه قوله ﵊:"الزعيم غارم"(٣)، وبُعِث [النبي ﷺ] والناس يتكفلون، فأقرّهم على ذلك كما أَقرَّهُم على سائر العقود.
وقال أصحابنا: الكفالة لا توجب براءة المكفول عنه، وقال ابن أبي ليلى: يبرأ.
لنا: أن الكفالة ضم إحدى الذمتين إلى الأخرى، فلو برئ المكفول عنه لم [يوجد](٤) معنى الضم؛ ولأن العقود تختلف أسماؤها لاختلاف معانيها، فلو اقتضت الكفالة البراءة لصارت حِوالة، واتفق معنى العقدين، وهذا يمنع من
(١) الكفالة لغة: بمعنى الضم، قال المطرزي: الكفيل: الضامن، وتركيبه دال على الضم والتضمين". المغرب (كفل). وشرعًا عرفها الموصلي بأنها: "ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة". الاختيار ٢/ ١٦٦؛ وزاد الحدادي: "دون الدين، بل أصل الدين في ذمة الأصيل على حاله". الجوهرة ص ٤٠٠. (٢) في ل (مأخوذة). (٣) أخرجه أبو داود (٢١٤٤)؛ والترمذي (١٢٦٥)؛ والبيهقي في الكبرى، ٦/ ٨٨. (٤) في أ (يصح) والمثبت من ل.