قال أبو الحسن: الجماعة عندنا سُنَّة، ولا ينبغي تركها، ولا يرخص لأحد في التأخر عنها، ومن الناس من قال: إن الجماعة واجبة (١).
والدليل على أنها سنة: أنها لو وجبت في الأداء، لوجبت في القضاء، كسائر شرائط الصلاة؛ ولأن النبي ﷺ قال:"صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"(٢)، فجعل الجماعة من صفة التفضيل، وهذا [المعنى] ينفي وجوبها.
وإنما قلنا: إنها سنة مؤكدة؛ لما قَدَّمْنا من الخبر، وروي أن النبي ﷺ قال:"لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثُمَّ أنظر إلى قوم يتخلفون عن الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم"(٣).
وأما إذا كان هناك عذر، فالأعذار تسقط الفروض، فأولى أن تسقط السنن.
قال: ولا تجب الجماعة على الأعمى عند أبي حنيفة وإن وجد قائدًا، وقال
(١) قال العثماني: فنص الشافعي على أنها فرض على الكفاية وهو الأصَحُّ عند المحققين من أصحابه، وقيل سنة وهو المشهور عنهم. . .، ومذهب مالك أنها سنة مؤكدّة في الفرائض، وأوجبها الظاهرية. . .، وقال أحمد: هي واجبة على الأعيان، وليست شرطًا في صحة الصلاة. . . . انظر: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ١١٠؛ المجموع ٤/ ٨٦؛ قوانين الأحكام الشرعية ص ٨٣. (٢) أخرجه البخاري (٦٤٥)، ومسلم ١: ٤٥٠ - ٤٥١ (٢٤٩، ٢٥٠)، من حديث ابن عمر ﵄. (٣) تقدم الحديث.