قال ابن شجاع: من كان له زادٌ وراحلةٌ، وهو يخاف من سلطانٍ، فإن المنع بالخوف كالمنع بعدم [الزاد و] الراحلة، قال: وهذا قول أبي حنيفة [أنه](١) من شرائط الوجوب؛ وذلك لأنه لا يتوصّل إلى الحجّ مع الخوف إلا بضررٍ، فلا يلزمه، فرضه، كعدم الزاد والراحلة.
ومن قال: إنه من شرائط الأداء؛ فلأنّ رسول الله ﷺ بيّن السبيل بالزاد والراحلة، ولم يذكر أمن الطريق، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فدلّ أنه ليس من شرائط الوجوب.
٨٩٥ - فَصْل:[كيفية وجوب الحج]
وإذا ثبت وجوب الحج، وبيَّنا شرائط وجوبه؛ فقد اختلف أصحابنا في كيفية الوجوب، فكان أبو الحسن [الكرخي] يقول: هو على الفور.
وذكر [أبو سهل] الزُّجَاجي المسألة على الخلاف، فقال: عند أبي يوسف: أنه على الفور، وعند محمد: على التراخي، و [قد] ذكر ابن شجاع قال: كان أبو حنيفة يقول: من كان عنده ما يحجّ به، وكان يريد التزويج، فإنه يبدأ بالحجّ؛ لأنّ الحجّ فريضةٌ أوجبها الله، وهذا يدلّ على أنه على الفور، وروي عن أبي يوسف أنه قال: فيمن معه ألف درهم يمكنه أن يحج بها، وهو يخاف العزوبة، قال: يحج بها ولا يتزوج.
والدليل على أنه على الفور: ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: "من ملك زادًا وراحلةً يبلغانه إلى بيت الله، فلم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا"(٢)،
(١) في أ (فرواه) والمثبت من ب. (٢) أخرجه الترمذي (٨١٢) من حديث علي ﵁، وقال: "هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا=