وإذا أذن المولى لعبده (١) أن يتزوج، لم يجز أن يتزوج إلا امرأة واحدة؛ لأن الأمر لا يقتضي التكرار بإطلاقه، فيفيد أدنى ما يتناوله الاسم.
١٥٧٠ - [فَصْل]:
فإن قال تزوج ما شئت من النساء، جاز أن يتزوج اثنتين ولم يجز أكثر من ذلك؛ لأنه ملّكه النكاح عَامًا فملك منه جميع ما يملكه العبد.
وقد قال أصحابنا: إن الحرّ لا يتزوج بأكثر من أربع لقوله تعالى: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣]، معناه: مثنى أو ثلاث أو رباع، ومن تأول ذلك على الجمع فقد غلط؛ لأن الزَجاج قال: هذا عِيّ من الكلام؛ لأن العرب إذا عبرت [عن تسعة لا يقولون اثنين وثلاثة وأربعة، إنما يقولون تسعة](٢)، وهذا كقوله تعالى: ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر: ١] وإنما اختص رسول الله ﷺ بجواز زيادة العدد لفضيلته؛ لأنه كان يقدر على التسوية بينهن، فأما العبد فلا يتزوج أكثر من اثنتين، لما روي أن النبي ﵊ قال:"لا يتزوج العبد أكثر من اثنتين"(٣)، ولأنه حق من حقوق النكاح مقدر، (فللرق فيه تأثير)(٤) في نقصه كالقسم، ولأن النكاح بُني على التفاضل بدلالة أن رسول الله ﷺ لما كان أفضل
(١) في أ (للعبد). (٢) في ب (لا تقل مثنى وثلاث ورباع)، والمثبت من أ، كما نقل نحوها ابن الجوزي عن الزجاج في زاد المسير في علم التفسير، ص ٢٥٥ (ابن حزم). (٣) ذكر الحافظ إجماع الصحابة على ذلك، كما في التلخيص الحبير، ٣/ ١٧٣؛ ونحوه ابن الملقن في خلاصة البدر، ٢/ ١٩٦. ولم أجد الحديث مرفوعًا بسحب علمي. (٤) في أ (فللرق تأثر في نقصه).