قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: إذا قال الزوج لامرأته: أنت طالق إن شئت، فهو مثل الخيار في جميع ما ذكرت لك إلا أن الطلاق واحدة رجعية.
والأصل في هذا: أن الطلاق إذا عَلَّقَه (١) بفعل من أفعال القلب مثل قوله: أنت طالق إن شئت، أو إن أحببت، أو إن هويتِ، أو أردت، أو رضيتِ، فهذا كله على المجلس؛ لأنه علقه بفعل من أفعال القلب فهو مثل الخيار.
وقد قالوا: إذا قال لها: إن كنت تحبيني أو إن كنت تبغضيني فأنت طالق، فقالت: أنا أحبك، وقع الطلاق استحسانًا، وكان القياس أن لا يقع؛ لأنه علّقه بشرط لا يُعلم وجوده.
والاستحسان: أن المحبة لما لم تعلم إلا من جهتها صار كأنه قال: إن قلت (إني أحبك)(٢) فأنت طالق، وعلى هذا الأصل قالوا: إذا قال لها: إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار أو تكرهين دخول الجنة فأنت طالق، فقالت: إني أحب العذاب وأكره الجنة وقع الطلاق [عند أبي حنيفة وأبي يوسف]؛ لأن المحبة لما لم تُعلم إلا [من جهتها] بقولها، صار الشرط ما [تظهره] دون ما في قلبها، وكذلك لو قال لها: إن كنت تحبيني بقلبك فأنتِ طالق، فقالت: أنا أحبك، وفي