قال: ويتعوذ إن كان إمامًا أو مصليًا وحده، ولا تعوّذ على المؤتم؛ لأنه لا قراءة عليه، لما روى الحسن:"أن النبي ﷺ كان إذا افتتح الصلاة كبّر ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم"(١)، وروى قتادة أن أبا الدرداء قام إلى الصلاة فقال له رسول الله ﷺ:"تعوّذ بالله من شياطين الإنس والجن"، فقال: يا رسول الله للإنس شياطين؟!، قال:"نعم"(٢)، [وروى أبو المتوكل الماحي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله ﷺ كان يقول قبل القراءة: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"(٣)، فهذه الأخبار] تدلّ على ثبوت التعوذ خلاف ما قال مالك، ويدل على بطلان قول نُفَاة (٤) القياس: أن التعوذ بعد الفراغ من القراءة ما روت عائشة: "أن النبي ﷺ قام في قصة الإفك فكشف الرداء عن وجهه، وقال: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، إن الذين جاؤوا بالإفك .. "(٥)، (فتعوَّذَ قبل القراءة)(٦)؛ ولا يصح تعلقهم بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [النحل: ٩٨]؛ لأن الفاء يذكر ويراد بها الحال، كقولنا إذا رأيت الأسد (٧) فتأهب له؛ ولأن المراد بها إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ [بالله]، وقد دل على ذلك إجماع الأمة [على هذا الفعل].
(١) مصنف عبد الرزاق ٢/ ٨٢؛ مصنف ابن أبي شيبة، ١/ ٢٠٩. (٢) الحديث أخرجه المحدثون عن طريق (عبيد بن خشخاش عن أبي ذر)، النسائي في المجتبى (٥٥٠٧)؛ المستدرك ٥/ ١٧٨. (٣) أخرجه أبو داود (٧٧١)، والترمذي (٢٤٢)، والنسائي (٩٧٢)، وابن ماجه (٨٠٤). (٤) في ب (نافي). (٥) أخرجه البيهقي في الكبرى بلفظ (أو قال أعوذ بالله السميع العليم … ) ٢/ ٤٣. (٦) ساقطة من ب. (٧) في ب (كقوله إذا دخلت على السلطان … ).