والذي روي عن محمد: أن أهل بلد لو اجتمعوا على ترك الأذان لقاتلتهم، فليس ذلك لوجوبه؛ ولكن لأنه سنة ظاهرة، وقد روي عن محمد أنه قال: لو أنّ أهل كورة تركوا سنةً من سنن رسول الله ﷺ لقاتلتهم عليها، فإن ترك ذلك رجل واحد ضربته عليه وحبسته.
وقال أبو يوسف فيما رواه ابن سماعة: فيمن امتنع عن أداء الزكاة، فإني آمره بها، فإن امتنع ضربته، وإن كانوا جماعة قاتلتهم عليه، وكذلك صلاة الجماعة والفرائض.
فأما السنن [مثل](١) صلاة العيد وصلاة الجماعة فإني آمرهم وأضربهم، ولا أقاتلهم وإن كانوا جماعة ممتنعين، والذي قاله أبو يوسف أصَحّ؛ لأن السنن لا يجب القتال بتركها، ألا ترى أن صفة السنة: ما استحق الثواب بفعله، ولم يستحق العقاب بتركه، والواجب: ما يستحق الثواب بفعله والعقاب بتركه، فلم تجز التسوية بينهما، وأما محمد فقد قال: وجوب القتال لظهور هذه السنن في الشرع، فإن سمحوا بتركها أدّى ذلك إلى ترك الواجبات، ومن أصحابنا من قال: إن الذي قاله محمد يدل على مذهبه؛ أنه جعل الأذان من فروض الكفاية، فإن تركوه جميعًا قاتلهم.
٢٦٧ - فَصْل:[في صفة الأذان]
وأما الكلام في صفة الأذان فيقول في ابتدائه: الله أكبر أربع مرات.
وروى الحسن عن أبي يوسف أنه يقوله: مرتين، وبه قال مالك (٢).
(١) في أ (قبل) والمثبت من ب. (٢) انظر: المدونة، ١/ ٥٧؛ التفريع، ١/ ٢٢٢؛ مختصر اختلاف العلماء، ١/ ١٨٨.