لنا: قوله ﷺ: "الذكاة في الحلق واللَّبَّةِ"(١)؛ ولأنَّه مختلفٌ في إباحة أكله، فأثرت فيه الذكاة كالضبع، ولأنَّ النبي ﵊ أقام الدباغ مقام الذكاة، بقوله:"دباغ الأديم ذكاته"(٢). فإذا كان الفرع الذي هو الدباغ [يصحّ](٣) في هذه الجلود، فالذكاة التي هي الأصل أولى، وإذا ثبت طهارتها بالذكاة فجاز بيعها، كجلد الشاة.
وأما إذا كانت مَيْتة لم تدبغ، فلا يجوز بيعُها؛ لقوله ﷺ:"لا تنتفعوا من المَيْتة بإهاب ولا عصَب"(٤)، قال الخليل [بن أحمد]: الإهاب: الجلد قبل الدباغ، وبعده يسمَّى: أديمًا؛ ولأنَّه جزء من أجزاء الميتة نجس [فلا يجوز بيعها] كلحمها.
١٢٢٧ - فَصْل:[بيع جلد الإنسان والخنزير]
ولا يجوز بيع جلد الخنزير، ولا جلد الإنسان، ولا شعورهما، ولا عظمهما مدبوغًا كان الجلد أو غير مدبوغ، أما جلد الإنسان فلا يجوز الانتفاع به لحرمته، لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥، ٢٦]، فدلَّ على أن الميِّت من حُكمه الدفن، [وبهذا انتفى الانتفاع به].
وأمَّا جلدُ الخنزير فالدباغ لا يؤثِّر فيه، وقد رُوي عن أبي يوسف: أنَّه يطهر بالدِّباغ.
(١) قال ابن حجر: "لم أجده، وإنما في الدارقطني (٤/ ٢٨٣) مرفوعًا من حديث أبي هريرة قال: وإسناده واه، وقد أخرج عبد الرزاق عن عمر مثله موقوفًا، وعن ابن عباس كذلك". الدراية ٢/ ٢٠٧. "واللَّبَّة: المنحر من الصدر" المغرب (لبب). (٢) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وابن حبان من حديث الجون … وإسناده صحيح" - وتكلم في ابن الجون - كما قال ابن حجر في التلخيص الحبير ١/ ٤٩. وقال ابن الملقن: " … إسناده حسن، ورجاله كلهم ثقات، وصححه ابن حبان أيضًا … " خلاصة البدر المنير ١/ ٢٤. (٣) في أ (ينصح) والمثبت من ب. (٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٥/ ٢٠٦؛ والطبراني في الأوسط ٥/ ٣٥١.