قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ الآية [النور: ٤]، والرمي المذكور في الآية: هو الرمي بالزنا دون الرمي بغيره من الفجور والفسوق والكفر، وسائر الوطء الحرام، ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم.
والذي يدل على أن الرمي المذكور هو الزنا قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾، فدلّ على أن المعنى المرمي به: هو الذي يفتقر في ثبوته (٢) إلى أربعة شهود، وما ذلك إلا الزنا.
وقد دل على وجوب الحد بالقذف الآية، وقوله ﷺ لهلال بن أميّة لما قذف امرأته:"ائتني بأربعة يشهدون، وإلا فحدٌّ في ظهرك"(٣).
قال: والمُحصَنة عندنا: هي الحرة المسلمة العفيفة، فإذا رماها الرامي بما لو أتى عليه بأربعة شهداء حُدّ المرمي بها (٤) حدّ الزاني (٥)، فذلك القذف، يجب
(١) "القَذْفُ: الرمي البعيد، ولاعتبار الرمي فيه قيل: منزلٌ قَذَفٌ، وبلد قذوفٌ: بعيدة، واستعير القذف للشتم والعيب، كما استعير للرمي". التوقيف. والمراد هنا بالقذف شرعًا: هو الرمي بالزنا، كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى. (٢) في ب (يفتقر به في ثبوته)، بزيادة (به). (٣) أخرجه البخاري (٢٥٢٦). (٤) سقطت هذه الكلمة من ب. (٥) في ب (الزنا).