قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: وكلّ مفطرٍ لعُذرٍ يقدر على القضاء، أو يُرجى له في باقي عُمره، فالقضاء [له] لازمٌ، ولا يجزئه الإطعام في ذلك، كالمريض، والمسافر، والحبلى والمرضع إذا خافتا على الولد.
والأصل في وجوب القضاء قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]، وقد اختلف أصحابنا في القضاء، فمنهم من قال: هو على الفور، ومنهم من قال:[إنه] على التراخي.
وكان أبو الحسن يقول: إنّه مؤقّتٌ بما بين رمضانين.
والصحيح: أنّه على التراخي؛ لقوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، [ولم يفصّل]، وروي أنّ رجلًا سأل النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ السَّلَامُ، فقال: عليَّ قضاء أيام من رمضان، أفأقضيه متتابعًا أو متفرقًا؟ فقال ﷺ:"أرأيت لو كان عليك دين، فقضيته متفرقًا، أكان يجزئ عنك؟ " قال: نعم، قال:"فالله أحق بالتجاوز"(١)، ولو كان على الفور لوجبت المتابعة.
وعلى هذا قال أصحابنا: لا يكره لمن عليه قضاء رمضان أن يتطوع بالصوم؛ لأنّ الوجوب ليس على الفور، ومَن قال بالفور: لزمه أن يكره التطوع له قبل القضاء.
٨٠٩ - [فَصْل: تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر]
قال أصحابنا: إذا أخَّر قضاء رمضان حتى دخل (٢) رمضان آخر، فلا فدية
(١) ذكره الجصاص في أحكام القرآن من حديث أبي هريرة (١/ ٢٦١). (٢) في ب (حتى إذا دخل) بزيادة (إذا)، والسياق لا يقتضيها.