وأما الكلام على مالك فما روى المغيرة بن شعبة عن النبيّ ﷺ:"أنه بال وتوضأ ومسح على ناصيته [وخفيه] "(١)، وهو لا يترك بعض الواجب، ولأنه مسح بأكثر أصابع يده فصار كما لو مسح أكثر رأسه، والذي روي أنّ النبيّ ﷺ مسح بجميع رأسه، لا دلالة فيه؛ لأنه قد يزيد على الواجب طلبًا للفضيلة، ولا يجوز أن ينقص من الواجب.
وأما الكلام على الشافعي: فقوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾.
قلنا: الباء عند أهل اللغة للإلصاق؛ وذلك يقتضي الجميع أو المقصود، وهذا لا [يتأتى] في شعرة واحدة ولأنه حكم يختص بالرأس، فلا يتقدر بأدنى ما يدخل تحت الاسم (٢)، كوجوب الدم في الحلق.
٣ - [فَصْل: وضع الإصبع من غير إمرار]
وقد اختلفت الرواية عن أصحابنا فيمن أخذ الماء فوضع ثلاث أصابع وضعًا ولم يمررها. فقالوا في إحدى الروايتين: يجوز، وفي الأخرى: لا يجوز.
وإنما قالوا: لا يجوز، إذا قدروا المفروض بالناصية؛ لأنه إذا وضعها بغير
= ص ١٣؛ شرح منتهى الإرادات ١/ ٤٥؛ الإفصاح ١/ ٧٣. (١) قال الزيلعي في نصب الراية ١/ ١: هذا حديث مُركَّب من حديثين، رواهما المغيرة بن شعبة، فحديث المسح على الناصية والخفين، أخرجه مسلم ١/ ٢٣٠ (٨١) عن عروة بن المغيرة، عن أبيه المغيرة بن شعبة: أن النبي ﷺ توضأ، ومسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى الخفين. وحديث السُّباطة والبول رواه ابن ماجه في "سننه" (٣٠٦): حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله ﷺ أتى سُباطة قوم فبال قائمًا. (٢) في ب (ما يتناوله الاسم).