فيه، كما بعدَ القبض، (ونهيه ﷺ عن بيع ما لم يُقبض) محمولٌ على ما يتأتى فيه حقيقة القبض، وهو المنقولات دونَ ما لا يُمكنُ فيه ذلك (١).
١١٦٢ - فَصْل:[التصرف في الأثمان قبل القبض]
قال أصحابنا: يجوزُ التصرُّفُ في الأثمان قبل القبض.
وقال الشافعي: إذا كانت الدراهم في الذمَّة لم يجز التصرُّف فيها في أحد القولين، وإن عيَّنها بالعقد لم يجز التصرُّف في القولين جميعًا (٢).
لنا: ما رويَ في حديث ابن عمر قال: (كنَّا نبيع الإبل بالبقيع، فنأخذ مكانَ الدراهم الدنانير ومكانَ الدنانير الدراهم، نأخذ هذه من هذه، وهذه من هذه، فأتيت رسول الله ﷺ وهو يخرج من بيت حفصة فسألته عن ذلك، فقال:"لا بأس إذا كان بسعر يومكما، وافترقتما وليس بينكما شيء"(٣))؛ ولأنَّ العقد سبب لنقل الملك في الأعيان، فجاز أن يستفاد به التصرف في الأثمان كالميراث.
١١٦٣ - فَصْل:[هلاك المبيع قبل القبض]
وإنما قلنا: إن هلاك المبيع قبل القبض يُوجب فسخ البيع (٤)، خلاف ما قاله مالك: أنَّه لا ينفسخ في غير الطعام؛ لأنّ الهلاك يوجب سقوط القبض، فانفسخ به العقد كالطعام، وإنما قلنا: إن هلاك الأثمان لا يُوجبُ فسخ العقد؛
(١) انظر: التجريد، ٥/ ٢٤٢٤ وما بعدها؛ شرح مختصر الطحاوي ٣/ ٨٠ وما بعدها. (٢) انظر: المهذب ٣/ ٤٤، ٤٥. (٣) أخرجه الترمذي (١٢٤٢)؛ والحاكم في المستدرك وصححه، ٢/ ٥٠؛ البيهقي في الكبرى ٥/ ٢٨٤؛ عبد البر في التمهيد ١٦/ ١٣؛ أحمد في المسند ٢/ ٨٣؛ نصب الراية ٢/ ٤٦٩. (٤) في أ (العقد).