قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: الفرض على المصلي استقبال القبلة، وإصابة عينها إذا قدر عليها، والجهة إذا لم يقدر على عينها.
قال الشيخ رحمه الله تعالى جملة هذا: أن التوجه من شرائط الصلاة، قال الله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: ١٤٤]، وقد كانت الصلاة بمكة فرضت إلى بيت المقدس، فكان رسول الله ﷺ يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس (١) ويصلي، فلما هاجر إلى المدينة اضطر إلى ترك استقبال الكعبة، وكان يحب أن تكون قبلته؛ لأنها قبلة أبيه إبراهيم ﵇، فسأل جبريل أن يسأل الله تعالى فيجعل قبلته إلى الكعبة، فكان يصلي إلى بيت المقدس وينتظر نزول جبريل، فنزل بقوله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٤٤]، واتفق الشيخان أبو الحسن وأبو بكر الرازي: أن فرض القبلة لمن غاب عن الكعبة الجهة، وكان شيخنا أبو عبد الله يقول: فرضه العين (٢)، وأما المشاهد للكعبة ففرضه عينها بالإجماع لقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٤٤]؛ ولأنه قادر على التوجه إليها.
وأما الغائب فوجه [ما قاله أبو الحسن وأبو بكر الرازي](٣) أنه: غير قادر
(١) انظر: تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز) ص ١٤١ (دار ابن حزم). (٢) ب (المعين). (٣) في أ (قول أبي الحسن) فقط، والمثبت من ب.