قال الشيخ ﵀: أصل هذا الباب أن الإدام عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى: كل ما يصطبغ به مع الخبز في العادة: كاللَّبَن، والزَّيْتِ، والمَرَق، والخَلِّ، والعسل.
وروى العسل عمرو بن أبي عمرو عن محمد عن أبي حنيفة، وما لا يصطبغ به فليس بإدام عند أبي حنيفة مثل: اللحم، والشوي، والجبن، والبيض، وهو قول أبي يوسف في رواية الأصل (١)، وروي عنه في الإملاء وغيره: أن ما يؤكل بالخبز مثل اللحم وغيره فهو إدام.
وروى عنه ابن سماعة: أن الجوز اليابس إدام، وقال محمد: ما كان الغالب عليه أن يؤكل بالخبز مثل الجبن واللحم فهو إدام.
لأبي حنيفة: أن الإدام في اللغة مأخوذ من الموافقة، يقال: آدم الله بينكما، وروي أن النبي ﷺ قال للمغيرة وقد تزوج امرأة:(هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: لو نظرت إليها كان أحرى أن يؤدم بينكما)(٢).
وقالت العرب: البِيضُ [لا يُؤْدِمْنَ إلا مُؤْدَمًا](٣) يعني: لا يوافق إلا مَن وافقهن، وإذا كان كذلك فكلّ ما احتاج في الأكل إلى موافقة غيره فهو إدام، وما
(١) انظر: الأصل، ٢/ ٣١٦. (٢) أخرجه الترمذي (١٠٨٧)؛ والنسائي في الكبرى (٥٣٤٦)؛ وابن ماجه (١٨٦٥)؛ وابن حبان في الصحيح ٩/ ٣٥١؛ والحاكم في المستدرك، ٢/ ١٧٩، وغيرهم. (٣) أورده الجوهري في الصحاح، وقال: "أي لا يُحْبِبن إلا محبَّبًا" (أدم).