فأما مذهب عائشة فهو معارض بمذهب بقية الزوجات، [وقد خالفها في ذلك عامة](١) أصحاب رسول الله ﷺ، فقال علي: لا رضاع إلا ما كان في الحولين، وقال: لا رضاع بعد الفصال، وقد روي أن رجلًا من أهل البادية ولدت امرأته فمات ولدها فورم ثديها، فجعل يمصه ويمجه فدخلت جرعة منه حلقه، فجاء إلى أبي موسى فسأله، فقال: حرمت عليك، فجاء إلى عبد الله بن مسعود فسأله، فقال: سألت عنها أحدًا؟ فقال: سألت أبا موسى الأشعري فقال: حرمت عليك، فجاء إلى أبي موسى فقال: أما علمت أنه إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم، فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحِبْرُ بين أظهركم (٢).
وقال أبو هريرة:(لا رضاع إلا ما فتق به الأمعاء، وكان غذاء له قبل الطعام).
وعن ابن عمر أن رجلًا جاء إلى عمر فقال: كانت لي وليدة أطَؤُها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها، فدخلت عليها فقالت: دونك، فقد والله أرضعتها، فقال عمر:(واقعها فهي جاريتك، فإنما الرضاعة رضاعة الصغير)(٣).
١٨٦٩ - فَصْل:[التحريم في قليل الرضاع وكثيره]
وقليل الرضاع وكثيره يثبت التحريم في حال الصغر، وقال الشافعي: لا يثبت
= وابن حبان في صحيحه، ١٠/ ٢٨؛ والبيهقي في الكبرى، ٧/ ٤٥٩. (١) في ب (وعلى ذلك علما) والمثبت من أ. (٢) أخرجه أحمد في المسند، ١/ ٤٣٢، والبيهقي في الكبرى، ٧/ ٤٦١؛ وعبد الرزاق في المصنف، ٧/ ٤٦٣، وغيرهم. (٣) أخرجه مالك في الموطأ (١٢٦٦)؛ والبيهقي في الكبرى، ٧/ ٤٦١.