وقال النخعي: أرادوا أن يقولوا مقدار المَقْعَدِ فاستقبحوا ذلك، فقالوا: مقدار الدرهم يعفى، يعني فيما عفي عنه من النجاسات.
١٤٧ - [فَصْل: في النجاسة المغلَّظة]
والنجاسة المغلظة عند أبي حنيفة: كل عين ورد في نجاستها نص، ولم يرد في طهارتها نص، اختلف الناس فيها أو اتفقوا؛ لأن النص إذا انفرد عن معارضه تأكد حكمه، وعلى هذا قالوا في الأرواث: إنه يعتبر فيها [مقدار] الدرهم؛ لأن النص ورد بنجاستها، وهو قوله ﵊:"إنها رجس"(١)، ولم يعارض هذا النص إلا الاختلاف، والنص حجة، والاختلاف ليس بحجة، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩]، فأمر برد الخلاف إلى الكتاب والسنة.
وأما أبو يوسف ومحمد فقالا: ما ساغ الاجتهاد في طهارته فهو مخفف ولهذا قالا: إن الأرواث يعتبر فيها أن تبلغ حد الكثير الفاحش؛ لأن تسويغ الاجتهاد فيه يخفف الحكم، فصار كما لو ورد نص يعارض النص.
١٤٨ - [فَصْل: في النجاسة المخففة]
وأمّا ما ورد في نجاسته نص وفي طهارته نص، ودَلَّ الدليل على أن الأخذ بالنجاسة أولى، فهو مخفف مثل بول ما يؤكل لحمه؛ ولأن النص ورد بنجاسته وهو قوله ﵊:"استنزهوا من البول"(٢)، وورد نص بطهارته بدليل خبر العرنيين،