وقد روي عن عَلِيّ وابن عباس:"إذا خرج الإمام فلا كلام ولا صلاة"(١)، ولأنه إذا ابتدأ بالصلاة دخل الإمام في الخطبة، فلا يقدر على قطع الصلاة فيها بعد الدخول فيها، فيؤدي ذلك إلى ترك استماع الخطبة [فلا يجوز].
وأما الكلام فوجه أبي حنيفة: أن هذه الحالة لما منع فيها من الصلاة لأجل الخطبة، منع من الكلام كحالة [الصلاة](٢).
وجه قولهما: أن الصلاة إنما منع منها؛ لأنها تمتد، فلا يقدر على [قطعها](٣)، والكلام يقطعه إذا أخذ الإمام في الخطبة، فلم يمنع منه في حالة لا يشتغل به عن سماع الخطبة.
٥٨٦ - فَصْل:[ما يجتنب في الخطبة من الأعمال]
قال: وينبغي أن يجتنب المستمع للخطبة من الكلام وغيره ما يجتنب في الصلاة؛ لقوله ﵊:"إذا قلت لصاحبك: أنصت والإمام يخطب، فقد لغوت"(٤).
وروي في تأويل قوله تعالى: ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، أنه
(١) رواه محمد بن الحسن في "الموطأ" ١: ١٠٣ (٧) عن الزهري، قال: "خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام". وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥٢١٠، ٥٢١٨) عن علي، وابن عباس، وابن عمر: "أنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام". انظر: "نصب الراية" ٢: ٢٠١. (٢) في ب (الخطبة) والمثبت من أ. (٣) في ب (تركها)، والمثبت من أ. (٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٩٣٤)؛ ومسلم في "صحيحه" ٢: ٥٨٣ (١١).