أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِتَالًا شَدِيدًا، وإِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَحَاطُوا بِالْيَمَانِ يَضْرِبُونَهُ بِأَسْيَافِهِمْ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَزَادَتْهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْرًا، وَوَدَى (١) النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْيَمَانَ، قَالَ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَائِرٌ إِلَى تَبُوكَ، نَزَلَ * عَنْ رَاحِلَتِهِ لَيُوحَى إِلَيْهِ، وَأَنَاخَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَهَضَتِ النَّاقَةُ تَجُرُّ زِمَامَهَا مُطْلَقَةً، فَتَلَقَّاهَا حُذَيْفَة، فَأَخَذَ بِزِمَامِهَا يَقُودُهَا حَتَّى أَنَاخَهَا وَقَعَدَ عِنْدَهَا، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قامَ، فَأَقْبَلَ يُرِيدُ نَاقَتَه، فَقَالَ:"مَنْ هَذَا"؟ فَقَالَ: حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنِّي أُسِرُّ إِلَيْكَ سِرًّا لَا تُحَدِّثْ بِهِ أَحَدًا أَبَدًا، إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أُصَلِّيَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ"، رَهْطٍ ذَوِي (٢) عَدَدٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتُخْلِفَ عُمَر، فَكَانَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ مِنْ أَصحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ يَظُنُّ عُمَرُ أَنَّهُ مِنْ أُولَئِكَ الرَّهْطِ؛ أَخَذَ بِيَدِ حُذَيْفَةَ، فَقَادَه، فَإِنْ مَشَى مَعَهُ صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنِ انْتَزَعَ مِنْهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ (٣)، وَأَمَرَ مَن يُصَلِّي عَلَيْهِ.
(١) الدية: المال الواجب في إتلاف نفوس الآدميين، والجمع ديات. (انظر: معجم لغة الفقهاء) (ص ١٨٨). * [ف/ ١٥٦ ب]. (٢) قوله: "رهط ذوي"، وقع في (س): "ورهط من ذوي"، والمثبت من (ف). (٣) ليس في (س)، وأثبتناه من (ف). (٤) في (ف)، (س): "يمهل"، والتصويب مما يأتي في سياق هذا الحديث، وهو الموافق لما في: "تفسير عبد الرزاق" (٣/ ٢١٩)، "دلائل النبوة" للبيهقي (٦/ ٣٥٥)، من طريق عبد الرزاق، به، "إمتاع الأسماع" للمقريزي (١٤/ ٢١٦)، معزوًّا لعبد الرزاق. (٥) في (ف)، (س): "الخيال"، والتصويب من المصادر السابقة.