ثُمَّ نَزَلَ وَنَزَلَ مَعَهُ أَخُوهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَابْنُهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ (١)، فَقَالُوا: أَبْرِزْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا، فَثَارَ نَاسٌ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، فَأَجْلَسَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ عَلِيٌّ، وَحَمْزَةُ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَاخْتَلَفَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَقَرِينُهُ ضَرْبَتَيْنِ، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صاحِبَهُ، وَأَعَانَ حَمْزَةُ عَلِيًّا عَلَى صَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ، وَقُطِعَتْ رِجْلُ عُبَيْدَةَ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلُ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ نَصْرَهُ، وَهَزَمَ عَدُوَّهُ، وَقُتِلَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "أَفَعَلْتُمْ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللهِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، وَقَالَ: "إِنَّ عَهْدِي بِهِ فِي رُكْبتَيْهِ حَوَرٌ، فَاذْهَبُوا، فَانْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ ذَلِكَ"؟ قَالَ: فَنَظَرُوا، فَرَأَوْهُ قَالَ: وَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقَتْلَى، فَجُرُّوا حَتَّى أُلْقُوا فِي قَلِيبٍ، ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (*)، فَقَالَ: "أَيْ عُتبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ! أَيْ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ"، فَجَعَلَ يُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ رَجُلًا رَجُلًا، "هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُكُمْ حَقًّا؟ " قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَيَسْمَعُونَ مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ"، أَيْ إِنَّهُمْ قَدْ رَأَوْا أَعْمَالَهُمْ.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ يَوْمَئِذٍ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ بَشِيرًا يُبَشِّرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ نَاسٌ لَا يُصَدِّقُونَهُ، وَيَقُولُونَ (٢): وَاللهِ مَا رَجَعَ هَذَا إِلَّا فَارًّا، وَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ بِالْأُسَارَى، وَيُخْبِرُهُمْ بِمَنْ قُتِلَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ حَتَّى جِيءَ بِالْأُسَارَى، مُقَرَّنِينَ فِي قَيْدٍ، ثُمَّ فَادَاهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -.
٤ - مَنْ أسَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أهْلِ بَدْرٍ
° [١٠٥٧٢] أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَعُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ قَالَا: فَادَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسَارَى بَدْرٍ، وَكَانَ فِدَاءُ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَقُتِلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ قَبْلَ الْفِدَاءِ، وَقَامَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَمَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ قَالَ: "النَّارُ".
(١) في الأصل: "المغيرة"، وهو خطأ.(*) [٣/ ٧١ ب].(٢) ليس في الأصل، واستدركناه من "التفسير" للمصنف (٢/ ٢٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute