فَكَذَّبُوهَا، وَيَقُولُونَ: مَا أكذَبَ الْغَرَائِبَ، حَتَّى أَنْشَأَ نَاسٌ مِنْهُمْ إِلَى الْحَجِّ فَقَالُوا (١): أَتَكْتُبِينَ إِلَى أَهْلِكِ؟ فَكَتَبَتْ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ يُصَدِّقُونَهَا، فَازْدَادَتْ عَلَيْهِمْ كَرَامَةً، قَالَتْ: فَلَمَّا وَضَعْتُ زَيْنَبَ جَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَنِي، فَقُلْتُ: مَا مِثْلِي تُنْكَحُ، أَمَّا أَنَا فَلَا وَلَدَ فِيَّ، وَأَنَا غَيُورٌ ذَاتُ عِيَالٍ (٢)، قَالَ:"أَنَا أَكْبَرُ مِنْكِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ فَيُذْهِبُهَا اللَّهُ، وَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ"، فَتَزَوَّجَهَا فَجَعَلَ يَأْتِيهَا، فَيقُولُ:"أَيْنَ زُنَابُ (٣)؟ "، حَتَّى جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَاخْتَلَجَهَا (٤)، وَقَالَ: هَذِهِ تَمْنَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ تُرْضِعُهَا (٥)، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"أَيْنَ زُنَابُ؟ " فَقَالَتْ قَرِيبَةُ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ - وَوَافَقَهَا عِنْدَهَا: -: أَخَذَهَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا آتِيكُمُ اللَّيْلَةَ"، قَالَتْ: فَقُمْتُ فَوَضَعْتُ ثِمَالِي (٦)، وَأَخْرَجْتُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ كَانَتْ فِي جَرٍّ (٧)، وَأَخْرَجْتُ شَحْمًا فَعَصَدْتُ لَهُ قَالَتْ: فَبَاتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ أَصْبَحَ، فَقَالَ حِينَ أَصْبَحَ:"إِنَّ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ كَرَامَةً، فَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ، وَإِنْ أُسَبِّعْ (٨) أُسَبِّعْ لِنِسَائي".
° [١١٤٩٣] عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ سَلَمَةَ فَبَنَى
(١) في الأصل: "فقال"، والتصويب من المصادر السابقة. (٢) في الأصل: "عيول"، والتصويب من "مسند أحمد"، "المعجم الكبير" من طريق عبد الرزاق، به. العيال: من يعوله الرجل وينفق عليه؛ من الزوجة والأولاد والعبيد وغير ذلك. (انظر: المرقاة) (٩/ ٧٢٠). (٣) زناب: المراد: زينب بنت أم سلمة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوها: زناب، بالضم. (انظر: القاموس، مادة: زنب). (٤) الخلج: الجذب والنزع. (انظر: النهاية، مادة: خلج). (٥) في الأصل: "ترضها" وهو خطأ واضح، والتصويب من المصادر السابقة. (٦) كذا في الأصل، ووقع عند إسحاق في "مسنده" (١٨١٠) من طريق عبد الرزاق، به: "فأخذت ثمالي، وهو الثوب، أو ثفالي، وهو الرحا". (٧) الجر والجرار: جمع الجرة، وهي: الإناء الصنوع من الفخار. (انظر: النهاية، مادة: جرر). (٨) التسبيع: الإقامة سبعا. (انظر: النهاية، مادة: سبع). ° [١١٤٩٣] [شيبة: ١٧٢٢٤]، وسيأتي: (١١٤٩٤).