الْخَطَّابِ مَرَّ بِرَجُلٍ يَقْرَأُ كِتَابًا سَمِعَهُ سَاعَةً، فَاسْتَحْسَنَهُ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: أَتَكْتُبُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَاشْتَرَى أَدِيمًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَيْهِ فَنَسَخَهُ فِي بَطْنِهِ وَظَهْرِهِ، ثُمَّ أَتَى بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يتَلَوَّنُ، فَضَرَبَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِيَدِهِ الْكِتَابَ، وَقَالَ: ثَكِلَتْكَ (١) أُمُّكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَلَا تَرَى إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ الْيَوْمِ وَأَنْتَ تَقْرَأُ هَذَا الْكِتَابَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنْدَ ذَلِكَ:"إِنَّمَا بُعِثْتُ فَاتِحًا وَخَاتَمًا، وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ (٢) وَفَوَاتِحَهُ، وَاخْتُصِرَ لِيَ الْحَدِيثُ اخْتِصَارًا، فَلَا يُهْلِكَنَّكُمُ الْمُتَهَوّكُونَ".
° [١١٠٠٩] أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ قُرَيْظَةَ، وَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ، أَفَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ: مَسَخَ اللهُ عَقْلَكَ، أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ عُمَرُ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَبِيًّا، قَالَ: فَسُرِّيَ (٣) عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، أَنْتُمْ حَظِّي مِنَ الْأُمَمِ، وَأَنَا حَظُكُمْ مِنَ النَّبيِّينَ".
° [١١٠١٠] أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِكِتَابٍ مِنْ قَصَصِ يُوسُفَ فِي كَتِفٍ، فَجَعَلَتْ تُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَلَوَّنُ وَجْهُهُ، فَقَالَ:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَو أَتَاكُمْ يُوسُفُ وَأَنَا فِيكُمْ فَاتبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ"(٤).
(١) الثكل: فقد الولد أو من يعز على الفاقد، وهو كلامٌ كان يجري على ألسنتهم عند حصول المصيبة أو توقعها. (انظر: النهاية، مادة: ثكل). (٢) جوامع الكلم: الألفاظ اليسيرة ذات المعاني الكثيرة. (انظر: النهاية، مادة: جمع). ° [١١٠٠٩] [الإتحاف: حم ٦٩٥٧]، وسيأتي: (٢٠٢٦٨). (٣) التسرية: الكشف والإزالة. (انظر: النهاية، مادة: سرى). (٤) سيأتي برقم: (٢١١٢٧).