أمّا وصيته ﵊ للأمراء، فلأنّهم يتقدّمون على الناس، فصلاحهم صلاح العامّة، وفسادهم فسادها، فالواجب أن يوصَوا عما يقع [عليهم عمله](١).
وتخصيص الأمراء بالوصيّة يدلّ على أنّ الجيش يجب عليهم طاعته، فلذلك وصَّاهُ بهم، ولم يُوْصِهم به.
وأمّا قوله:"أوصاه في خاصة نفسه ومن معه من المسلمين خيرًا"؛ فلأنّ الإنسان يجب أن يبتدئ بإصلاح نفسه، ثمّ بغيره؛ ولهذا قال النبي ﵊:"ابدأ بنفسك، ثم بأهلك، ثم بولدك (٢)، ثم بمن تعول، ثم الأقرب فالأقرب"(٣).
وأمّا قوله:"اغزوا باسم الله"، فافتتح الكلام بذكر الله تعالى تبرّكًا به.
وقوله:"وفي سبيل الله تقاتلون من كفر بالله"، [بيان] لما خرجوا فيه من طاعة الله تعالى في قتال أعدائه.
وأمّا قوله:"لا تغُلُّوا"، فالغلول: الخيانة في المغنم، وهي محرمةٌ، وقال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١]، قيل في التفسير: إن الغُلول يُجعَل في قعر جهنم، ثم يقال للغالّ: احمله، فإذا حمله وبلغ إلى بابها عاد فيه إلى قعرها، وقال النبي ﷺ:"ردوا الخيط والمخيط، فإنّه عارٌ ونار وشنارٌ إلى يوم القيامة"(٤).
وأمّا قوله:"ولا تَغْدِرُوا"، [فإنّ] الغدر: هو الخفر بالأمان، ونقض العهد،
(١) في أ (عملهم عليه) والمثبت من ب. (٢) (ثم بولدك) سقطت من ب. (٣) رواه مسلم (٩٩٧) من حديث جابر ﵁. (٤) رواه ابن ماجه (٢٨٥٠)؛ وحَسَّن البوصيري إسناده في مصباح الزجاجة (٣/ ١٧٣).