فإن قيل: فما تقولون في العربي الذي يفصل بين الأمرين إذا قال هذا؟
قلنا: لا رواية فيه، فمن أصحابنا من قال: لا حدّ عليه؛ (لأنه ممن يفصل بين الأمرين، فإذا أدخل الهمزة، فإنما أراد الصعود، ومنهم من قال: عليه الحد)(١)؛ لأن العامة لما اعتادت استعمال هذه اللفظة في القذف، صار العربي كالقاذف بلغة غيره.
وجه قول محمد: أن الزناء -بالهمزة- هو الصعود (٢)، فإذا ذكر معه الجبل، فقد زال الاحتمال، وصار الظاهر ما قاله، وليس كذلك إذا لم يذكر الجبل؛ لأنه لا ظاهر يدل على الصعود إلا الهمزة، وهو أمر [مشتبه](٣) عند العامة، فلم يعتد به.
قال: فإن قال: زنأت على الجبل، فعليه الحد في قولهم؛ وذلك لأنه لا يقال: صعدت على الجبل، والجبل موضع يصح عليه الزنا، فصار كما لو قال: زنأت على السطح أو على الفراش.
وقال بِشر عن أبي يوسف في رجلٍ قال لامرأته: ما رأيت زانيةً خيرًا منك، أو قال لرجلٍ: ما رأيت قط زانيًا خيرًا منك، [قال]: قال أبو حنيفة: لا حدّ عليه، وهو قول أبي يوسف؛ لأنه جعل المخاطب خيرًا من الزناة، وهذا لا يقتضي المشاركة في الزنا، وإنما يقتضي صفة التفضيل خاصة.
وقال في رجل قال لامرأته: زنى بك زوجك قبل أن يتزوجك، قال: هو
(١) ما بين القوسين سقطت من ب. (٢) في مختار الصحاح: "زَنَأ في الجبل: صَعِد، قال: والزَّنَاءُ -بوزن الصفاء-: الحاقن". (زنأ). (٣) في أ (معتبر)، والمثبت من ب، وهو المناسب في تصوير المسألة.