قال هشام: قال محمد (١) في رجل قال لرجل: أنت تزني، قال: لا حَدَّ عليه؛ لأن حروف المضارعة إذا دخلت على الفعل، خلص للمستقبل، والإخبار عن الفعل في المستقبل ليس بقذفٍ.
فإن قال: أنت تزني، وأُضرب أنا، فلا حدّ عليه؛ لأن هذا إنما يقال على طريق الاستفهام والتغرير، أي كيف يجوز أن يعاقب غير الفاعل، فلا يقصد بذلك القذف.
قال هشام: سمعت أبا يوسف قال في رجل قال لآخر: يا ابن الدعيّة، قال: لا يحد؛ لأن الدعية للنسبة في العرف (٢)، ولا نسب لها فيهم، وهذا لا يوجب الزنا.
قال هشام: سمعت محمدًا قال: إذا قال الرجل لآخر: يا زأن، فأدخل فيه الهمزة، وقال: عنيت أن تصعد على شيءٍ، قال: عليه الحدّ، ونيته باطلةٌ؛ وذلك لأن العامة لا تفصل بين إدخال الهمز وإسقاطه، فقد يليّن المهموز ويهمز الملين، وإذا لم يفصل كان الظاهر من قوله القذف.
فإن قال: زنأت في الجبل، ثم قال: عنيت الصعود فيه، فعليه الحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا حَدَّ عليه.
وجه قولهما: ما ذكرنا أن العامة لا تفصل بين إدخال الهمز وإسقاطه، فصار هذا لغةً لهم، والقاذف بغير لغة العرب يجب عليه الحد (٣).
(١) في ب (عن محمد). (٢) في ب (في العرب). (٣) في ب (يحد الحد).