قال: والأصل في تحريم الغُداف، والغُراب الأبقع: ما روى [هشام] بن عروة عن أبيه أنه سئل عن أكل الغراب فقال: مَنْ يأكله بعدما سماه رسول الله ﷺ فاسقًا؟!، يعني قوله:"خمس فواسق يقتلهن المُحْرم في الحِلِّ والحَرَم"(١)، لأن غالب أكلها الجيف.
قال أبو يوسف: وسألت أبا حنيفة عن العَقْعَق فقال: لا بأس به، فقلت: إنه يأكل الجيف، فقال: إنه يخلط بشيء آخر، فحصل من قول أبي حنيفة أنّ ما يخلط لا يكره أكله، بدلالة الدجاج.
وقال أبو يوسف: يكره؛ لأن غالب أكله الجيف.
قال: ولم يروا بأسًا بأكل الأرنب، قال عمّار: كنا عند رسول الله ﷺ فأهدى له أعرابيٌ أرنبةً مشويةً، فقال لأصحابه: كلوا، وذكر حديثًا طويلًا.
وعن محمد بن صفوان، أو صفوان بن محمد قال: أصبت أرنبتين، فذبحتهما بمروة، وسألت عن ذلك رسول الله ﷺ، فأمرني بأكلهما (٢).
قال أبو يوسف: فأما الوَبرَ فلا أحفظ عن أبي حنيفة فيه شيئًا، وهو عندي مثل الأرنب، وهو يأتلف البقول والنبت؛ وذلك لأن الأشياء على الإباحة إلا ما
(١) الحديث أخرجه الشيخان: البخاري (٣١٣٥)؛ مسلم (١١٩٨). (٢) أخرجه أبو داود (٢٨٢٢)؛ النسائي (المجتبى) (٤٣١٣)؛ ابن ماجه (٣١٧٥). انظر: التلخيص، ٤/ ١٥٢.