قال: ويلحد ولا يشق؛ لقوله ﷺ:"اللحد (١) لنا والشق لغيرنا"(٢)؛ ولأن الشق فعل اليهود، فيجب أن يخالفوا.
قال: فإذا وضع في القبر، فإن كانت أكفانه عقدت، حلت؛ لأنها تعقد حتى لا ينتشر الكفن [عنه]، وهذا المعنى مأمون في القبر.
ويجعل على اللحد القضب واللَّبِن، ويكره الآجُرَّ ورفوف الخشب؛ لما روي:"أن النبي ﷺ جعل على قبره اللَّبِن"(٣)؛ ولأنه أقرب إلى البِلى؛ ولأن الآجر والخشب إنما يجعل للتبقية ولزينة الدنيا، والميت لا يحتاج إلى ذلك.
قال: ويسنَّم القبر، ولا يربّع، لِمَا روي عن إبراهيم أنه قال:"أخبرني من شاهد قبر النبي ﷺ، وقبر أبي بكر، وعمر، وهي مسنَّمة، عليها فِلْقٌ مِن مَدَرٍ أبيض"(٤)، وروي:"أنه ﵇ نهى عن تربيع القبور، وعن تجصيصها"(٥)، ولأن التربيع أشبه ببناء الأحياء، والتسنيم خلاف ذلك، فهو أولى.
قال: ولا يجصص القبر ولا يطين، وكره أبو حنيفة البناء على القبر، وأن
(١) اللَّحْد: الشَّقّ الذي يُعمل في جنب القبر لموضع الميت؛ لأنه قد أميل عن وسط القبر إلى جانبه. "النهاية" في غريب الحديث (لحد). والشَّقّ -بالفتح- واحد الشقوق: حفرة تحفر في وسط القبر طولًا لا تتسع للميت، يوضع فيها حين الدفن. انظر: مختار الصحاح؛ معجم لغة الفقهاء (شق). (٢) أخرجه أبو داود (٢١٣٦)؛ والترمذي (١٠٤٥) وقال حديث حسن غريب؛ والنسائي في المجتبى (٢٠٠٩)؛ وابن ماجه (١٥٥٤)؛ والبيهقي في الكبرى ١/ ٤٩٦. (٣) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص ﵁ كما في نصب الراية ٢/ ٣٠٣. (٤) أخرجه البخاري (١٣٢٥)، وابن أبي شيبة ٣/ ٢٢؛ الدراية ١/ ٢٤١، ٢٤٢. (٥) رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار، وأبو حنيفة عن شيخ مرفوعًا، كما في الإيثار بمعرفة رواة الآثار لابن حجر ١/ ٢٢١؛ وفي نصب الراية ٢/ ٣٠٤.