وذكر الحكم عن شريح أنه كان يشرب الطِّلاءَ الشديد والمُنَصَّف (١)، فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: وما ذاك؟ فدعا به إبراهيم [من أهله]، فسقاه أصحابه، فمنهم من شرب ومنهم من كره شربه (٢).
وذكر عن عائشة ﵂ أنّها سئلت عن نبيذ الجر، فقالت: يا نساء المؤمنين! إنكنّ تسألن عن أوعيةٍ وظروفٍ ما كانت على عهد رسول الله ﷺ، فلتتق إحداكنّ ولا تشرب ما يسكرها، فإن أسكرها ماء حِبِّها فلتتجنّبه (٣).
وعن سعيد بن مسروقٍ قال: دعيت أنا وبكر بن ماعز إلى طعام فسقينا نبيذ الدَّنّ، فأبيت أن أشرب، قال: فنظر إلي نظرًا علمت أنّه قد مقتني (٤).
قال أبو الحسن: فهؤلاء الأكابر من أصحاب رسول الله ﷺ وأهل بدر: عليٌّ وعمر وعبد الله بن مسعود وأبو مسعود (٥)﵃ قد ثبت عنهم ما ذكرناه من تحليل شرب النبيذ، وما روي عن عليٍّ ﵇ من قوله: إنّ القوم يجلسون على الشراب وهو لهم حلال، فما يزالون حتى يحرم عليهم، فمعناه: أن يبلغوا السكر.
وروي عنه أنّه رزق الناس الطلاء، فشرب منه رجل فسكر، فحدّه، وما روي عن عبد الله بن مسعود، فهو [مطروح](٦)، لأنّ علقمة روى أنّه شرب عنده
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٩١). "والمُنصَّف من العصير: ما طُبخ على النصف". المغرب (نصف). (٢) في ب (ومنهم من كرهه لشدته). (٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٦٧)، والبيهقي في الكبرى (٨/ ٣١١)؛ وصححه الحاكم في المستدرك، قال: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) (٤/ ١٦٤)، ووافقه الذهبي. (٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٨٢)، ولكن بلفظ: (ظننت أنه يمقتني). (٥) (وأبو مسعود) سقطت من ب. (٦) في أ (مصرّح) والمثبت من ب.