فيها معنى الأمان، قال الله تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]، والباغي لا يجوز أمانه مع بغيه، فلا يجوز أن يُصلّى عليه؛ ولأن الصلاة (١) موالاةٌ للميت، والباغي لا يُوالَى.
فأما [ما] ذكره الحسن فبعيدٌ؛ لأنّ المانع من الصلاة عليهم أن موالاتهم لا تجوز، وفي الصلاة [موالاةٌ]، وهذا المعنى موجودٌ وإن لم يكن لهم فئةٌ، وكان الحسن يقول: إنّ حالهم لما اختلفت في باب اتباع المولّي، وقتل الأسير، والإجهاز على الجريح، كذلك يختلف حالهم في باب الصلاة.
قال محمدٌ: قلت: فهل تأمر بدفنهم، قال: نعم؛ لأنّ الدفن ليس فيه معنى الموالاة، ألا ترى أنّ المسلم يدفن قرابته الكافر، وكذلك الباغي.
قال: وأكره أن يؤخذ برؤوسهم فتبعث إلى الآفاق؛ لأنّها مُثْلَةٌ، ولم يبلغني عن عليٍّ ﵇ أنه فعل (٢) ذلك في حربه [ولا أمر بحمل رأسٍ]، وروي أن رأسًا حُمل إلى أبي بكر ﵁، فأنكر حمله، فقالوا: إن فارس والروم يفعلون ذلك، فقال: إذًا أفاستنان بفارس والروم (٣)!.
وقال أصحابنا: إنّ حمل الرؤوس إن كان فيها وهنٌ [لهم] فلا بأس بذلك؛ لأنّ ابن مسعود حمل رأس أبي جهل إلى رسول الله ﷺ(٤)، فلم ينكر ذلك عليه (٥)(٦).
(١) سقطت هذه الكلمة من ب. (٢) في ب (صنع). (٣) رواه النسائي في الكبرى (٨٦٧٣). (٤) رواه البزار (٤/ ٢٦٧)؛ والطبراني في الكبير (٩/ ٨٤). (٥) (فلم ينكر ذلك عليه) سقطت من ب. (٦) انظر: الأصل ٧/ ٥١٩.