وإنّما يثبت الخيار لوجهين؛ لأنّ المال يختلف فيه الجِدّ والهَزْل، ولا تصحّ التسمية مع الإكراه، فيجب مهر المثل.
فأمّا الكفاءة فلم ترض المرأة بالعقد، فكأنّ المولى زَوْجَهَا [ظلمًا](١) بغير كفءٍ، فثبت لها الخيار، وللأولياء الخيار أيضًا من هذين الوجهين؛ لأنّ عند أبي حنيفة لهم أن يعترضوا لعدم الكفاءة، ولنقصان المهر.
فأمّا على قولهما: فلهم الاعتراض لعدم الكفاءة، وليس لهم الاعتراض لنقصان المهر، فإن لم يتمم الزوج لها المهر، فُرّق بينهما، ولا شيء عليه؛ لأنّ الفرقة جاءت قبل الدخول من جهة المرأة.
قال: فإن دخل بها غير [مكرهةٍ](٢)، فهذا رضًا منها بالنكاح؛ وذلك لأنّ تمكينها له من نفسها إجازةٌ للعقد، فتصير كقولها رضيت، ويسقط الخياران الثابتان لها، ويبقى الخيار للأولياء.
قال: ولو أنّ رجلًا أكرهه أهل الشرك من العدو على أن يكفر بالله تعالى، وله امرأةٌ حرّةٌ مسلمةٌ، ففعل ثم خُليَ سبيله، فأتاها، فقالت: إنك قد كفرت بالله، وقد بِنتُ منكَ، فقال الرجل: إنّما أظهرت ذلك وقلبي مطمئنٌّ بالإيمان، فَالقول قوله مع يمينه على ما ادّعاه، وهذا استحسانٌ، والقياس: أن يفرّق بينهما.
وجه القياس: أنّ كلمة الكفر سببٌ لوقوع الفرقة كلفظ الطلاق، فكما
(١) في أ (طائعًا) والمثبت من ب. (٢) في أ (مكرهٍ)، والمثبت من ب، وهو المناسب في تصوير المسألة.