ولو حلف لا يأكل من رأسٍ شيئًا، فأكل من رأس بقرة أو بعير أو شاة حَنِث، وإن كان رأس سمكة أو طائر [أو جرادة] لم يحنث، وهذا يعتبر فيه العادة أيضًا، وكان قول أبي حنيفة الأول: أنه إذا حلف لا يشتري رؤوسًا، حمل على الإبل والبقر والغنم، ثم رجع فقال: على البقر والغنم.
وقال أبو يوسف ومحمد: على الغنم.
وهذا ليس بخلاف، وإنما اليمين محمولة على ما يعتاده الناس كبسه (١)[في التنانير]؛ لأنهم يريدون ذلك، وكان في الكوفة يكبس الإبل والبقر والغنم، ثم تركوا الإبل، فرجع أبو حنيفة عن ذلك.
وأما هما [أجابا على عصرهما](٢) فقد ترك الناس كبس البقر، فقالا ذلك على الغنم خاصة.
والباب كله محكي عن أبي يوسف، ومذهبه: أن الاسم يختص الغنم، إلا أنه قال ذلك في الشراء، وقال في الحلف بالأكل: إنه محمول على الإبل والبقر والغنم، لأنها قد يكبس في [التنانير](٣)، وإن لم يعتاده، فالاسم يتناولها، فيحنث بها، ولا يتناولها الوكالة كما قال في الوكالة باللحم: إنها لا تحمل على البطون، واليمين تحمل على ذلك.
فأما رؤوس العصافير والجراد والسمك، فلا تكبس بحال، فلا تحمل عليها الوكالة و [لا] اليمين، وإنما خَصَّ الوكالة بالمكبوس دون النِّيء؛ لأنها محمولة
(١) بمعنى: "أي يُطمُّ به التنور أو يُدْخل فيه" كما في المغرب (كبس). (٢) في أ (على غيرهما) والمثبت من ل. (٣) في أ (الناس) والمثبت من ل.