وهذا الذي ذكرناه عن السلف، إجماع: على أن أقل السفر مقدر، وقد خالف نفاة القياس الإجماع، فقالوا: قليل السفر وكثيره سواء (٢).
وهذا فاسد؛ لأن فرض المقيم أربع، وفرض السفر ركعتان، بدليل قول عائشة: فرضت الصلاة في الأصل ركعتين، وإذا كان فرضه في الإقامة أربعًا، وخروجه إلى ضيعته، لا يسمى به مسافرًا، لم يجز أن يصلي ركعتين؛ ولأن هذا القدر من السير لا يلحق فيه مشقة، فصار كالانتقال من محلة مصر إلى محلة أخرى.
وأما الكلام في تقدير الأيام الثلاثة؛ فلأن النبي ﵊ قدّر رخصة السفر في المسح بثلاثة أيام، فدل على أن كل مسافر يتمكن من استيفاء الرخصة.
وروى أبو هريرة: أن النبي ﵇ قال: "لا تسافر امرأة فوق ثلاثة أيام إلا مع من يحرم عليه نكاحها"(٣)، وهذا حكم يتعلق بالسفر، وقد خصّه بالثلاثة، فهو أولى المقادير.
ولأنه قدر لا يمكن استيفاء رخصة مسح المسافر فيها إذا سار سيرًا معتادًا، فلا يتعلق به القصر أصله ما دون ليلتين؛ ولأنها مدة لا يجب فيها القصر، فوجب فيها الإتمام، كاليوم الواحد، هذا في إبطال ما دون ثلاثة أيام.