والنوع الثاني: يصح فيه العقد ويبطل الشرط: وهو النكاح، والخلع، والصلح عن دم العمد والهبة؛ وذلك لأن العقد يقتضى دخول الولد، فإذا نفى موجب الهبة، صحت الهبة، وبطل الشرط، أصله: العمرى.
والنوع الثالث: يجوز العقد والاستثناء: وهو الوصية، إذا أوصى له بجارية إلا حملها، بقي الحمل للورثة؛ لأن الوصية يجوز أن تقع بالحمل، وما جاز أن يفرد بالعقد، جاز أن يستثنى منه.
قال: ولو أعتق ما في بطن جاريته، ثم وهبها، (جازت الهبة في الأم، وقال في كتاب العتاق: إذا دبّر ما في بطن جاريته ثم وهبها)(١)، لم تجز الهبة، فمن أصحابنا من قال: هذا اختلاف رواية.
فوجه الرواية التي قال لا تجوز الهبة فيها: أن الموهوب مشغولٌ بما يدخل في الهبة، فصار كهبة الدار إذا كان فيها متاع الواهب.
وجه الرواية التي قال تجوز الهبة على ظاهر هذا الكتاب: أن حُريّة الحمل تقتضي استثناءَه من العقد، ولو استثناه لفظًا لم يفسد العقد، فكذلك إذا استثنى من طريق المعنى.
ومن أصحابنا من قال: في المسألتين (٢) روايةٌ واحدةٌ، وإنما يختلف الحكم بين التدبير والعتق؛ وذلك لأن المدبَّر مال للمولى، ومن وهب ما هو مشغول بمالٍ [له]، لم تصحّ الهبة، كهبة الدار التي فيها متاع الواهب.
وليس كذلك الحرّ؛ لأنه ليس بمال، فصار كمن وهب دارًا فيها حرٌّ جالس،