فقال النبي ﵇:"لو أعطي الناسُ بدعاويهم، لادّعى ناسٌ دماء ناسٍ وأموالهم، لكنّ البينة على المُدّعي، واليمين على المُدّعَى عليه"(١)
وقد روى أبو أيوب عن أبي رجاء مولى أبي قِلابة: أنّ عمر بن عبد العزيز استشار الناس في القَسَامة، فأشاروا عليه أن يَقِيد بها، وقالوا: قاد بها رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر والخلفاء بعدهم، وأبو قِلابة ساكتٌ عند السرير أو خلف السرير، فقال عمرُ: ما تقول يا أبا قِلابة، فقال: يا أمير المؤمنين، عندك (٢) رؤساء الأخيار، وأشراف العرب، لو شهد رجلان من أهل حمص على رجلٍ من أهل دمشق أنّه سرق ولم يرياه، أكنت تقطعه؟ قال: لا، قال: يا أمير المؤمنين، عندك رؤساء الأخيار وأشراف العرب، لو شهد أربعةٌ من أهل حمص على رجلٍ من أهل دمشق أنّه زنى، ولم يروه، أكنت ترجمه؟ قال: لا، قال أبو قِلابة: والله ما نعلم رسول الله ﷺ قتل نفسًا بغير نفسٍ، إلا رجلًا كفر بالله بعد إيمانٍ، أو زنى بعد إحصانٍ، أو قتل نفسًا بغير نفس، فحدّث أبو قلابة حديث خيبر: أنّ رسول الله ﷺ وداه من عنده (٣).
ولأنّ يمين المُدّعى معنًى لا يُستَحقّ به المال ابتداءً، فلا يُستَحقّ القِصَاص كنفس الدعوى.
وأما قولو ﵇ للأنصار:"أتحلفون، وتستحقون دم صاحبكم (٤)؟ "، فعلى
(١) رواه هكذا ابن ماجه (٢٣٢١) من حديث ابن عباسٍ ﵁؛ ورواه البخاري (٢٣٩٧)؛ ومسلم (١٧١١) مختصرًا. (٢) في ب (عندي). (٣) رواه البخاري (٦٥٠٣). (٤) (دم صاحبكم) سقطت من ب.