وأما المعدودات التي لا تتفاوت (١)، كالجوز والبيض، فعلى مستهلكها مثلها عندنا، وقال زفر: قيمتها.
وهذا فرع على جواز السَّلَم فيها، وقد بيّناه في كتاب البيوع.
فأمّا إذا كان المغصوب مما لا مثل له، فالواجب فيه القيمة.
وقال أهل المدينة: المثل (٢).
لنا: ما روي عن النبي ﷺ: (أنه قضى في عتق عبدٍ بين شريكين بقيمة نصيب الذي لم يعتق)(٣)، فصار ذلك أصلًا في إتلاف كل ما لا مثل له، [فالواجب فيه القيمة]؛ ولأن القيمة في الأعيان المختلفة المتفاوتة أعدل من المثل، ألا ترى أنه لا يكاد يتفق عبدان على صفة واحدة، فالواجب القضاء بما هو الأعدل.
فأما قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، فالمثل قد يعبر به عما قام مقام الشيء وإن لم يكن مثلًا له في الحقيقة، قال الله تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، ومعلوم أن السيئة الأولى هي المعصية، والثانية العقوبة، وليست مثلًا لها في الحقيقة.
(١) في ج (لا تفاوت فيها). (٢) قال الدردير: "وإن كان مقومًا خيّر ربه بين أخذه أو أخذ القيمة يوم الغصب" وقال أيضًا: بأن المثليات إذا فات عند الغاصب ألحق بالمقوم "فإنه لا يأخذ مثلها بل يأخذ قيمتها يوم غصبها" الشرح الصغير ٣/ ٥٩٠، ٥٩٢. وقال ابن جزي: "ويرد القيمة فيما لا مثل له كالعروض والحيوان" قوانين الأحكام الشرعية ص ٣٥٨. (٣) الحديث أخرجه مسلم (١٥٠٣).