وأما الإرسال؛ فلأن النبي ﷺ قال:"إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله، فكل"، فذكر الإرسال؛ ولأن الإرسال قد جعل بمنزلة الذكاة؛ ولهذا يعتبر عنده التسمية، ولا بد من وجوده.
فأمّا كون المرسل من أهلِ الذَّكاة: فهو أن يكون مسلمًا أو كتابيًّا، يعقل الإرسال ويعرفه؛ لأنّ الإرسال بمنزلة الذبح؛ ولهذا يعتبر فيه التسمية، فلا بد من شرائط الذبح.
وأما التسمية في حال الإرسال للذاكر؛ فلقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤]، وقد أجمعوا أن التسمية تختص بالإرسال، وقال ﵇:"إذا أرسلت كلبك المُعَلم وذكرت اسم الله عليه، فكل".
وأما اعتبار [الذكر](١)؛ فلأن الإرسال إذا كان كالذبح شرط فيه التسمية مع الذكر دون النسيان على ما بيّناه في الذبح.
فأمّا الجرح، فهي الرواية المشهورة: أن الكلب أو البازي إذا لم يجرح لم يحل الأكل.
وقد روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف: أن الكلب إذا خنقه أكل (٢)، والدليل على اعتباره، قوله ﷺ في صيد المِعْراض:"إذا خَزَقَ فكُلْ، وإن أصاب بعرضه فلا تأكل"(٣) فإنه وقيذ؛ لأن الكلب إذا خنقه دخل في عموم قوله: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ
= فإذا أجاب صاحبه ولم ينفر منه وأَلِفَ، فذلك قد تعلم، وكذلك الصقر وغيره من الطير". الأصل ٥/ ٣٧٦. (١) في أ (الذاكي) وفي ج (الذاكر) والمثبت من م. (٢) انظر: الأصل ٥/ ٣٧٥، ٣٧٦. (٣) أخرجه البخاري بلفظ: (كل ما خرق … ) (٥١٦٠).