﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦]، فأحل اصطياد ما في البحر عامًا للحلال والحرام، وحرّم صيد البر على المُحْرِم، وأحله للحلال، فكذلك قوله: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢]، فيه إحلال الاصطياد، وليس في الموضعين جميعًا ذكر ما يؤكل منه وما لا يؤكل، وقد جاءت السنة عن رسول الله ﷺ بحظر بعض ذلك، ووقع الإجماع على إباحة بعضه.
وهذا الذي قاله صحيح؛ لأن [الآيات] دلت على إباحة الاصطياد، ولم تدل على إباحة الصيد، وقد يباح اصطياد ما لا يؤكل لينتفع بجلده وَوَبَرِهِ وعَظْمِهِ، فلم يكن في الآية دلالة على إباحة الأكل.
قال: والظِّبَاء، وبَقَرُ الوَحْش، وحُمُرُ الوَحْش، والسَّمُّور، والإبل حلال، لا اختلاف في ذلك بين المسلمين.
وقد دل على إباحة الحمر الوحشية، أن النبي ﷺ لما سئل يوم خيبر عن لحوم الحمر، قال:"الأهلية"، فقيل له: نعم، وهذا يدل على اختلاف الوحشية والأهلية، وأن النبي ﷺ مرّ بالرَّوْحَاء بحمار وحش عقير، فتبادر إليه أصحابه، فقال:"دعوه فسيأتي صاحبه"، فجاء رجل من بهز فقال: هذه رميتي يا رسول الله، وهي لك، فأمر النبي ﷺ أبا بكر فقسمه بين الرفاق (١)] (٢) فإذا كان الحمار الوحشي مباحًا، وإن كان نظيره من الأهلي محرمًا، كانت الظباء والبقر التي
(١) أخرجه النسائي في المجتبى (٩٢٩٢)؛ ومالك في الموطأ (٧٨١)؛ وابن حبان في صحيحه ١١/ ٥١٢؛ والهيثمي في موارد الظمآن، وقال الهيثمي: "ورجال أحمد رجال الصحيح"، مجمع الزوائد ٣/ ٢٣٠؛ وأحمد في المسند، (٣/ ٤١٨). (٢) الزيادة من م، ح.