وقال أبو يوسف (١): إن الثاني لا يكون خصمًا إذا كان الأول غائبًا.
وجه قول أبي حنيفة ومحمد وزفر: أن أخذ الدار بالبيع الأول يتضمن فسخ البيع بين المشتري الثاني والمشتري الأول، وذلك لا يجوز مع غيبة الأول؛ لأن القضاء على الغائب لا يجوز إلا بحضوره أو بحضور من قام مقامه، فلم يبق إلا نفاذ الحكم.
وليس كذلك إذا أراد أخذها بالبيع الثاني؛ لأن الأخذ لا يتضمن فسخ البيع الثاني، وإنما ينتقل الشيء إليه من ملك المشتري، فلذلك كان خصمًا فيه.
وجه قول أبي يوسف: أن حق الشفيع سابق لحق المشتري، فصار الشفيع كالمستحق، ولو أن رجلًا اشترى دارًا من غائب، فحضر رجل وأقام البينة أنها له، قضي على المشتري مع غيبة بائعه، كذلك هذا.
وإنما قال أبو يوسف: إن الشفيع يدفع إلى المشتري الثاني الألف؛ (لأنها حق لبائعه، وقد ثبت له على بائعه ألفان، فكان له أن يأخذ الألف قصاصًا، ويرجع المشتري الثاني)(٢) على الأول بألف؛ لأن الملك يُستحق بسبب كان في يده، وسلامة الثمن موقوفة على سلامة المبيع.
قال: ولو كان المشتري لم يبعها، ولكنه وهبها أو تصدق بها على رجل، وقبضها الموهوب له، ثم حضر الشفيع، فإن ابن سماعة روى عن أبي يوسف: أن للشفيع أن يأخذها من يد الموهوب له والمتصدق عليه، ويدفع الثمن إلى
(١) في م هنا (وهو قوله). (٢) ما بين القوسين ساقطة من م.