وقال في قوله:"لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه"(١) قال: فهو هذا.
وروى أبو يوسف بإسناده أن النبي ﷺ قال:"لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه"، قال أبو يوسف: وتفسير هذا عندنا والله أعلم: أن الفضل في قيمة الرهن لرب الدين، ولا يكون مضمونًا ولا يغلق، وإن كان فيه نقصان رجع بالفضل.
وقال أبو عبيد:(لا يغلق الرهن): جاء تفسيره عن غير واحد من الفقهاء، فذكر حديث إبراهيم، قال أبو عبيدة: وقد روي عن طاوس نحو هذا، وكذلك عن مالك وسفيان، وتأول الشافعي الخبر [لحديث] عَلِيّ رضوان الله عليه: أنه إذا هلك رجع المرتهن بدينه.
قال أبو الحسن: وهذا مذهب ليس عليه أهل العلم، ولا يجوز في كلام العرب أن يقال: إذا ضاع فقد غلق، وإنما يقال: قد غلق إذا استحقه المرتهن، فذهب به، وهذا كان من أفعال أهل الجاهلية، فردّه رسول الله ﷺ وأبطله بقوله:"لا يغلق الرهن"، وأنشد:
وفارقتك برهن لا فكاك له … يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا (٢)
يعني أنها ارتهنت قلبه فمضت به، فأي تضييع هاهنا.
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك، ٢/ ٥٨ بلفظ (له غنمه)، وابن حبان في صحيحه ١٣/ ٢٥٨؛ البيهقي في الكبرى، ٦/ ٣٩. (٢) أورده السرخسي في المبسوط ٢١/ ٦٦؛ والمرغيناني في الهداية ٤/ ١٢٧. قال ابن الجزري في غريب الحديث: "يعني أنها ارتهنت قبله فذهبت به". ٢/ ١١٥.