وجه قول محمد: أن الإِبرة لا يتناولها اسم الحديد على الإطلاق، ولا يسمى بائعها حدادًا، وإنما لها اسم يخصها، فلم تدخل في اليمين.
قال أبو يوسف في باب الذهب والفضة: فإن كانت له نية دُيّن فيما بينه وبين الله تعالى، والنية في هذا واسعة؛ لأنه خصص ما في لفظه، وقال في باب الحديد: لو قال: عنيت التبر فاشترى إناء، لم يحنث، ولو قال: عنيت قمقمًا (١) فاشترى سيفًا، أو إبرًا، أو سكاكين، أو شيئًا من السلاح لم يحنث، ويديّن في القضاء. وهذا الذي قاله بعيد؛ لأن الاسم [عنده](٢) عام، فإذا نوى شيئًا منه فقد عدل عن ظاهر العموم، فلم يصدق في القضاء، وإن صدق فيما بينه وبين الله تعالى.
وقال محمد في الزيادات: لو حلف لا يشتري حديدًا ولا نية له فاشترى درع حديد، أو سيفًا، أو سِكِّينًا، أو ساعدين، أو بيضة (٣) لم يحنث، وإن اشترى شيئًا [غير مضروب](٤)، أو إناء من آنية الحديد، أو مسامير، أو أقفالًا، أو كانون (٥) حديد، حنث، وإن اشترى إبرًا أو مسالًا، لم يحنث.
قال: لأن الذي يبيع السلاح والإبر والمسال لا يسمى حدادًا، والذي يبيع
(١) "القُمْقُم: إناء صغير من نُحاس أو فضة أو خزف صيني يجعل فيه ماء الورد". المعجم الوجيز (قمقم). (٢) في ب (عقده) والمثبت من أ. (٣) والساعدان تثنية ساعد: "وهو من اليد ما بين المرفق والكف، ثم سُمي بها: ما يُلْبَس عليها من حديد أو صفر أو ذهب". المغرب (سعد). "والبيضة: بيضة النعامة، وكل طائر، ثم استعيرت لبيضة الحديد؛ لما بينهما من الشبه الشكلي"، وهي المقصود هنا، والتي تعرف بـ: الخُوذَة. المغرب (بيض). (٤) في ب (غيره مضروبًا) والمثبت من أ. (٥) "الكانون: المَوقِد يطبخ عليه". المعجم الوجيز (كنن).