فحمل على الحقيقة، فإذا لم يكن شربه في دفعة حملت يمينه على [الجزء](١) كماء البحر، وعلى هذا إذا قال لا آكل هذا الطعام وهو لا يقدر أن يأكله دفعة.
ونظير هذا ما قالوا: فيمن قبض من رجل دينًا عليه، فوجد فيه درهمين زائفين فقال: والله لا آخذ منهما شيئًا، فأخذ أحدهما حنث؛ لأن (من) للتبعيض.
وقال ابن رستم عن محمد: إذا قال والله لا آكل لحم هذا الخروف (٢) فهذا على بعضه؛ لأنه لا يمكن استيعابه بالأكل مرة.
وقال في الأصل فيمن قال: لا آكل هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين حنث في الاستحسان؛ لأن ذلك القَدْر لا يعتد به [ولا يمكنه الاحتراز عنه؛ لأنه يقال]: إنه أكل رمانة في العادة، وإن ترك [حبة أو حبتين] منها (٣)، [فإن ترك] نصفها أو ثلثها أو أكثر مما يجري في العرف أن يسقط من الرمانة لم يحنث؛ لأنه ليس بآكل لجميعها.
قال: ولو قال والله لا أبيعك لحم هذا الخروف (٤) أو هذه الخابية [من] الزيت، فباع بعضها لم يحنث؛ لأن البيع يمكن أن يأتي على الكل، فحملت اليمين على الحقيقة.
وقد قال ابن سماعة فيمن قال:[والله] لا أشتري من هذين الرجلين، فإنه
(١) في ب (الجنس)، والمثبت من أ. (٢) في أ (الجزور). (٣) قال في الأصل: "ولو حلف ليأكلن هذه الرمانة، فأكلها إلّا حبّة أو نحوها، كان قد برّ ولم يحنث؛ لأن هذا معاني كلام الناس. . .". ٢/ ٣٢٠، ٣٢١. (٤) في أ (الجزور).