قال أبو الحسن: قال أصحابنا جميعًا: الأيمان تنقسم: يمين تكفَّر، ويمين لا تكفَّر، ويمين نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحِبَها.
وقد روى أبو يوسف عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي مالك الغفاري أنه قال: الأيمان ثلاثة كما قال محمد، وقال أبو الحسن: إنها ترجع إلى قسمين: يمين على الماضي، ويمين على المستقبل، فاليمين على الماضي: يمين الغموس ويمين اللعن، واليمين على المستقبل: اليمين المنعقدة.
قال أبو الحسن: فأما اليمين التي تكفر: فالرجل يحلف على أمر تَرْكُه خَيرٌ من إمضائه، وإنما يريد بذلك ما بَيَّنَّاه أن اليمين على المستقبل، وقد دل على ذلك قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ … ﴾ الآية [المائدة، ٨٩]، وقال ﷺ:(من حلف على يمين ورأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه)(١) فهذه اليمين عندنا على ثلاثة أضرب: يمين يجب الوفاء بها: وهي على فعل الواجبات وترك المعاصي.
ويمين يجب الحنث فيها: وهي اليمين على فعل المعاصي وترك الطاعات؛ لأن النبي ﷺ قال:(من حلف أن لا يطيع الله فليطعه ومن حلف أن يعصي الله فلا يعصه)(٢).
= لم تقصد الإخبار بالحلف، وإنما قصدت أن تخبر بأمر آخر، نحو: لأفعلن، إلا أنك أكّدته ونفيت عنه الشك بأن أقسمت عليه". كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٢/ ١٨٤ (دار الكتاب العربي). (١) أخرجه مسلم (١٦٥٠) وغيره من حديث أبي هريرة ﵁. (٢) لم أجد بهذا اللفظ إلا ما ذكره السرخسي في المبسوط ٨/ ١٢٨، وإنما روى البخاري وغيره بلفظ: (من نذر … ) البخاري (٦٣١٨، ٦٣٢٢) من حديث عائشة ﵄.