فأما ما روى أبو هريرة أن امرأة أتت رسول الله ﷺ فقالت: طلقني زوجي وإنه يريد أن ينتزع ابنه مني، وإنه قد نفعني وسقاني من بئر أبي عِنَبَة، فقال:"استهما عليه"، فقال الرجل: من يشاقني في ابني، فقال النبي ﵇ للغلام:"اختر أيهما شئت"(١) فاختار أمه، فأعطاها إياه، فهذا كان بالغًا بدلالة أنها قالت: نفعني [بمعنى](كسب علي)، وقد قيل: إن بئر أبي عِنَبَة بالمدينة، لا يمكن الصغير الاستقاء منها، يبيّن ذلك ما روى عمارة بن ربيعة المخزومي قال:(غزا أبي نحو البحر فقتل، فجاء عمي ليذهب بي، فخاصمته أمي إلى عليّ ﵁ ومعي أخ لي صغير، فخيرني عليّ ثلاثًا، فأخترت أمي، فأبى عمي أن يرضى، فوكزه عليّ بيده وضربه بدرته، وقال: لو بلغ هذا الصبي أيضًا خيّر)(٢)، فهذا يدل على أن التخيير يقف على البلوغ.
(١) أخرجه أبو داود (٢٢٧٧)؛ والحاكم في المستدرك، ٤/ ١٠٨؛ والبيهقي في الكبرى، ٨/ ٣. (٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، ٤/ ١٨٠.