وما أريد به العقد في القرآن فإنما حمل عليه بدليل كقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٥] لأن الوطء لا يقف على الإذن، فعلم أن المراد بالآية العقد، وقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣]؛ (لمَّا ذكر العدد علم أن المراد بالنكاح العقد)(١)؛ لأن الوطء لا [يتقدر](٢)(والنكاح عقد جائز)(٣) بدليل قوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٣٢] وقال: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣]، وقال النبي ﷺ:"تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم"(٤)، وبعث ﷺ والناس يتناكحون فأَقَرَّهم على ذلك، وتقريره دلالة على الجواز.
قال أبو الحسن: قال الله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢] وقال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣]. فحث على النكاح ترغيبًا من غير إيجاب له، فالنكاح عندنا مستحب وليس بواجب، وقال
(١) ما بين القوسين ساقطة من أ. (٢) في ج (يتعدر) والمثبت من أ. (٣) ما بين القوسين ساقطة من أ. (٤) أخرجه البيهقي في معرفة السنن، ٥/ ٢٢٠ عن الشافعي بلاغًا؛ وعبد الرزاق في مصنفه، ٦/ ١٧٣؛ وأورده ابن حجر في التلخيص الحبير، ٣/ ١١٦.