أفضت من مأزمي (١) عرفة إلى بطن مُحَسِّر، فانزل حيث شئت عن يمين الطريق ويساره، ولا تنزل على جادة الطريق فتؤذي الناس؛ وذلك لقوله ﷺ:"مزدلفة كلّها موقفٌ، وارتفعوا عن مُحَسِّر"(٢).
فأما النزول على الطريق، فهو ممنوعٌ منه بالمزدلفة وغيرها؛ لأنّه يقطع الناس عن الاجتياز.
قال: ثم يؤذّن المؤذِّن ويقيم، فيصلي الإمام المغرب بجماعة الناس، ثم يتبعها العشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامةٍ واحدةٍ، وقال الشافعي: بإقامةٍ إقامةٍ، وقال زفر بأذان وإقامتين.
لنا: ما روى عمر وخزيمة بن ثابت: (أنّ النبي ﷺ للصلاهما بأذانٍ وإقامةٍ)(٣)، ولأنهما صلاتان جمعهما وقتٌ واحدٌ، والثانية مفعولةٌ في وقتها كالعشاء والوتر.
وجه قول زفر: ما رُوي (أنّ النبي ﷺ صلاهما بإقامتين)(٤)، وهذا يحتمل أن يكون بأذانٍ وإقامةٍ، فسمَّى الأذان إقامةً، كما سمَّى النبي ﷺ الإقامة أذانًا بقوله:"بين كلّ أذانين صلاةٌ"(٥).
(١) المأزمان مثنى مأزم: وهو الطريق الضيق بين الجبلين ونحوه، وهو طريق يأتي المزدلفة من جهة عرفة، لا يدفع الناس ليلة المزدلفة إلا معه، فإذا أفضوا منه، كانوا في المزدلفة. معالم مكة التاريخية للبلادي ص ٢٤١. (٢) أخرجه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر ﵁. (٣) حديث ابن عمر عند مسلم (١٢٨٨)، وحديث خزيمة رواه الطبري في تهذيب الآثار كما في التلخيص الحبير (١/ ١٩٣). (٤) أخرجه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر ﵁. (٥) أخرجه البخاري (٥٩٨)؛ ومسلم (٨٣٨) من حديث عبد الله بن مغفل ﵁.