لنا (٢): قوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨]، وهذا اللفظ لا يُستعمل في الواجبات؛ ولأنّه نسكٌ ذو عددٍ لا يختصّ بالمسجد، فلم يكن ركنًا كالرمي، أو: فجاز أن يقوم [الدم](٣) مقامه كالرمي؛ ولأنه نسكٌ لا يتكرر [في الإحرام]، فلم يكن ركنًا فيه كالحلق، وإنما قلنا: إنّه واجبٌ؛ لأن النبي ﷺ سعى، وفِعْله إذا ورد مورد البيان، أفاد الوجوب.
ولأنّ القائل أحد قائلَين: إمّا من قال: هذا ركنٌ، أو قال: هذا واجبٌ، فإذا دللنا أنّه ليس بركنٍ، ثبت أنه واجبٌ بالإجماع.
فأمّا الكلام في صفةِ السعي، فيبتدئ بالصفا؛ لأنّه ﷺ ابتدأ به وقال:"نبدأ بما بدأ الله به"(٤).
فيأتي الصفا، فيصعد عليه حتى يشاهد الكعبة؛ [وذلك لما روي عن جابرٍ، قال:(ثم وقف النبي ﵇ على الصفا بحيث يرى الكعبة)(٥)]، وعن ابن عمر (أنّه كان إذا صعد الصفا: استقبل البيت، ثم كبَّر ثلاثًا، ثم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، يرفع بها صوته، ويدعو، ثم يقول ذلك على المروة)(٦).
(١) انظر: الهداية ١/ ١٤٢؛ المهذب ١/ ٢٢٩. (٢) في ب (دليلنا). (٣) في أ (غيره)، والمثبت من ب. (٤) أخرجه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر (الطويل) ﵁. (٥) أخرجه مسلم (١٢١٨). (٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٨٢).