قَالَ مؤلف الكتاب [١] : كانوا فِي أيام ملوك الطوائف، وكان فناء جديس عَلَى يد حسان بْن تبع [٢] .
قَالَ علماء السير: / كان طسم وجديس من ساكني اليمامة، وهي إذ ذاك من أخصب البلاد وأعمرها وأكثرها خيرا، فيها من صنوف الثمار ومعجبات الحدائق والقصور الشامخة، وكان عليهم ملك من طسم، ظلوم غشوم، لا ينهاه شَيْء عَنْ هواه، يقال له: عملوق.
وكان مما لقوا من ظلمه أنه أمر بألا تهدى بكر من جديس إِلَى زوجها حَتَّى تدخل عَلَيْهِ فيفترعها [٣] ، فَقَالَ رجل من جديس يقال له الأسود بْن غفار لرؤساء قومه: قد ترون ما نحن فيه من العار والذل الذي ينبغي للكلاب أن تعافه وتمتعض منه، فأطيعوني، فإني أدعوكم إِلَى عز الدهر ونفي الذل، قالوا: وما ذاك؟ قَالَ: إني صانع للملك وقومه طعاما، فإذا جاءوا نهضنا إليهم بأسيافنا، فأنفرد به فأقتله، وليجهز كل رجل منكم عَلَى جليسه.
فأجابوه إِلَى ذلك وأجمع رأيهم عَلَيْهِ، فأعد طعاما، وأمر قومه فانتضوا سيوفهم ودفنوها في الرمل، وَقَالَ: إذا أتاكم القوم يرفلون فِي حللهم فخذوا سيوفهم [٤] ، ثم
[١] «ذكر ما كان من طسم وجديس قَالَ مؤلف الكتاب» بياض في ت مكان هذه العبارة. [٢] الطبري ١/ ٦٢٩. [٣] يفترعها: يفتضّها، والفرعة: دمها، وقيل له افتراع لأنه أول جماعها (لسان العرب ص ٣٣٩٥ فرع) . [٤] في ت، والأصل: «سيوفكم» .