ولما جزع عمرو بن عبد المزاد دعي البراز، وقال يرتجز:[١]
ولقد بحجت [٢] من النداء ... بجمعكم [٣] : هل من مبارز
ووقفت إذ جبن الشجا ... ع بموقف البطل المناجز [٤]
إني كذلك لم أزل ... متسرعا نحو الهزاهز [٥]
إن الشجاعة والسماحة ... في الفتى خير الغرائز [٦]
فبرز له علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم أجابه يقول:
لا تعجلن فقد أتاك ... مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية وبصيرة ... والصدق منجي كل فائز
إني لأرجو أن أقيم ... م عليك نائحة الجنائز
من ضربة فوهاء [٧] يبقى ... ذكرها عند الهزاهز
ثم دعاه أن يبارزه، فقال له علي: يا عمرو إنك كنت عاهدت الله لقريش لا يدعوك رجل إلى خلتين إلا أخذت إحداهما، قال عمرو: نعم [٨] ، قال علي رضي الله عنه:
فإني أدعوك إلى اللَّه وإلى رسوله وإلى الإسلام، فقال: لا حاجة لي بذلك، قال: فإني أدعوك إلى المبارزة. قال: يا ابن أخي، والله ما أحب أن أقتلك، فقال له علي: لكني والله أنا أحب أن أقتلك فحمي عمرو واقتحم عن فرسه وعرقبه/، ثم أقبل فتناورا وتجاولا وثارت عليهما غبرة سترتهما عن المسلمين، فلم يرع المسلمين إلا التكبير، فعرفوا أن عليا رضي الله عنه قتله، فانجلت الغبرة وعليّ على صدره يذبحه.
[١] الأبيات ليست من بحر الرجز وإنما من البحر الكامل. [٢] في الأصل: «ولقد ملكت» ، وما أوردناه من أ، ابن كثير، والدلائل. [٣] في ابن كثير: «بجمعهم» . [٤] في الدلائل وابن كثير: «.. إذا جبن المشجع موقف القرن المناجز» . وفي الاكتفاء: «وقفه الرجل المناجز» . [٥] في الدلائل وابن كثير: «ولذاك إني لم أزل متسرعا قبل الهزاهز» ، والهزاهز: الدواهي والشدائد» . [٦] في الدلائل، وابن كثير، والاكتفاء: «إن الشجاعة في الفتى والجود في خير الغرائز» . [٧] في الدلائل، وابن كثير، والاكتفاء: «ضربة نجلاء» . [٨] في أ: «قال عمرو: أجل» .