لما ملك سيف بْن ذي يزن أرض اليمن وقتل الحبش وأبادهم، وفدت إليه أشراف العرب ورؤساؤهم ليهنئوه بما ساق اللَّه عز وجل إليه من الظفر، ووفد [وفد][١] قريش وكانوا خمسة من عظمائهم: عَبْد المطلب بْن هاشم، وأمية بْن عَبْد شمس، وعَبْد اللَّه بن جدعان، وخويلد بن أسد، ووهب بن عَبْد مناف بْن زهرة [٢) .] فساروا حَتَّى وافوا [٣] مدينة صنعاء، وسيف بْن ذي يزن نازل بقصر يسمى غمدان [٤] وكان أحد [٥] القصور التي بنتها الشياطين لبلقيس بأمر سليمان، فأناخ عَبْد المطلب وأصحابه، واستأذنوا عَلَى سيف فأذن لهم، فدخلوا وهو جالس عَلَى سرير من ذهب وحوله أشراف اليمن عَلَى كراسي من الذهب [٦] وهو متضمخ بالعنبر، وبصيص المسك يلوح من مفارق رأسه فحيوه بتحية الملك، ووضعت لهم كراسي الذهب، فجلسوا عليها إلا عَبْد المطلب، فإنه [٧] قام ماثلا بين يديه واستأذنه فِي الكلام، فقيل له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فتكلم.
فَقَالَ: أيها الملك، إن اللَّه قد أحلك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا منيفا [٨] وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعزت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه في أطيب مغرس وأعذب منبت، فأنت أيها الملك ربيع العرب الذي إليه الملاذ، وذروتها [٩] الذي إليه المعاد، وسلفك لنا خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، لن يهلك من أنت خلفه، ولن يخمل من أنت [١٠] سلفه، ونحن أيها الملك أهل حرم اللَّه وسدنة بيت الله، أوفدنا إليك
[١] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. [٢] في ت ذكر «وهب بن عبد مناف بن زهرة» بعد أمية بن عبد شمس. [٣] في الأصل: «وفدوا» . [٤] في ت: «بعمدان» . [٥] في الأصل: «أجل» . وفي ت «إحدى» . [٦] في ت: «ذهب» . [٧] «فإنه» سقطت من ت. [٨] «صعبا منيعا شامخا باذخا منيفا» سقط من ت. [٩] في ألوفا ١٤١: «ووردها» . [١٠] «أنت» سقط من ت.