فأمر المعتز فركب، وأقام المنتصر فِي منزله [١] ، فلمَا فرغ المعتز من خطبته قام إليه/ عبيد الله بْن يحيى والفتح بْن خاقان فقبلا يديه ورجليه، ثم رجع فِي الموكب فدخل عَلَى أبيه، فَقَالَ داود بْن محمد الطوسي: قد والله رأيت الأمين والمأمون والمعتصم والواثق، فما رأيت رجلا عَلَى المنبر [٢] أحسن قوامَا [وبديهة][٣] من المعتز باللَّه.
وخرج المتوكل يوم الفطر وقد ضرب لَهُ المصاف [٤] نحو من أربعة أميال، وترجل الناس بين يديه، فصلى ورجع [٥] ، فأخذ حفنة من تراب، فوضعها [٦] عَلَى رأسه، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي رأيت [كثرة][٧] هَذَا الجمع فأحببت أن أتواضع للَّه عز وجل [٨] .
وأهدت إليه [٩] أم ولده ثوبا فقطعه نصفين ورده [١٠] إليها، وقال: أذكرتني به، فو الله إن نفسي تحدثني أني لا ألبسه، ولا أحب أن يلبسه أحد بعدي، ولذلك شققته، ثم جعل [١١] يقول لندمائه: أنا والله مفارقكم عن قليل، وكثر عبثه بابنه المنتصر تارة يشتمه، وتارة يتهدده بالقتل، والتفت إِلَى الفتح فَقَالَ: برئت من الله [١٢] ومن قرابتي من رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لم تلطمه- يعني المنتصر- فقام إليه [١٣] الفتح، فلطمه [١٤] لطمتين وقال [١٥] :
اشهدوا أني قد خلعته. فانصرف على غضب، فواعد الأتراك على قتل المتوكل إذا
[١] في ت: «بيته» . [٢] في ت: «على منبر» . [٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. [٤] في ت: «المضرب» . وفي الأصل: «المصيف» . [٥] «ورجع» ساقطة من ت. [٦] في ت: «فركها» . [٧] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. [٨] انظر: تاريخ الطبري ٩/ ٢٢٢- ٢٢٤. [٩] في ت: «له» . [١٠] في ت: «ثم رده» . [١١] في ت: «وجعل» . [١٢] في الأصل: «إلى الله» . [١٣] «إليه» ساقطة من ت. [١٤] في ت: «ولطمه» . [١٥] في ت: «ثم قال» .