معك منذ [١] خمسين سنة ولك أربع بنات وأختان وأنا [٢] وأمي وأنت تاسع القوم، استنفقه واكسنا [٣] ، ولعل الله يغنيك فتعطيه أو يكافئه عنك ويقضيه، فَقَالَ لها [٤] : لست أفعل ولا أحرق حشاشي بعد ست وثمَانين سنة، قَالَ: ثم سكت القوم وانصرفت.
فلمَا كَانَ من الغد عَلَى ساعات من النهار سمعت الخراساني يقول: يَا معشر [٥] الحاج! وفد اللَّه من الحاضر والبادي، من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده أضعف الله لَهُ الثواب، قَالَ [٦] : فقام إليه الشيخ وقال: يَا خراساني! قد قلت لك بالأمس ونصحتك وبلدنا والله فقير قليل الزرع والضرع، وقد قلت لك أن [٧] تدفع إِلَى واجده مَائة دينار، فلعله أن يقع بيد رجل مؤمن يخاف الله عز وجل فامتنعت [٨] ، فقل لَهُ عشرة دنانير منها، فيرده عليك ويكون لَهُ فِي العشرة دنانير ستر وصيانة، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الخراساني: لا نفعل ولكن [٩] نحيله عَلَى الله عز وجل، قَالَ: ثُمّ افترقا.
فلمَا كَانَ من الغد سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه، فقام الشيخ فَقَالَ له: يا خراساني، قلت أول أمس العشر منه، وقلت لك عشر العشر أمس، واليوم أقول لك [١٠] عشر العشر يشترى بنصف دينار قربة يستقي عَلَيْهَا للمقيمين بمكة بالأجرة وبالنصف الآخر [١١] شاة يحلبها ويجعل ذلك لعياله غذاء، قَالَ: لا نفعل، ولكن نحيله عَلَى الله عز وجل، قَالَ: فجذبه الشَّيْخ [جذبة][١٢] وقال: تعال خذ هميانك، ودعني أنام الليل، وأرحني من محاسبتك، فَقَالَ لَهُ: امش بين يدي.
فمشى الشيخ [١٣] وتبعه الخراساني وتبعهمَا، فدخل الشيخ فمَا لبث أن خرج وقال: ادخل يا خراساني، فدخل ودخلت فنبش [١٤] تحت درجة/ لَهُ مزبلة، ١٢٢/ أفنبش وأخرج منها الهميان أسود من خرق بخارية غلاظ وقال: هَذَا هميانك؟
فنظر إليه وقال: هَذَا همياني، قَالَ: ثم حل رأسه من شد وثيق، ثم صب المال في
[١] «منذ» ساقطة من ت. [٢] «وأنا» ساقطة من ت. [٣] «واكسنا» ساقطة من ت. [٤] «لها» ساقطة من ت. [٥] في الأصل: «معاشر» . [٦] «قال» ساقطة من ت. [٧] في الأصل: «لذلك» . [٨] في الأصل: «فأشفقت» . [٩] «ولكن» ساقطة من ت. [١٠] في ت: «لك عشر العشر أعطه دينارا عشر العشر» . [١١] في ت: «وبنصف دينار» . [١٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. [١٣] «الشيخ» ساقطة من ت. [١٤] «فنبش» ساقطة من ت.